محمد العبدالله الفيصل : أنا مستهلك للكلمة

صحيفة الجزيرة الأثنين 17/شوال/ 1401 هـ الموافق 17/أغسطس/1981 حوار: إبراهيم العمران

الكلمة تعتبر من أهم مقومات الأغنية، وهي ثالثة اثنين ونظرا لما تتمتع به من أهمية كان لكتابها نفس الأهمية بين جمهور الفن ومحبيه – ولذلك ولاشياء اخرى تتعلق بالفن والمهتمين به كان لنا هذا اللقاء مع احد كتاب الاغنية في بلدنا .. وواحد ممن خدموا الاغنية بصدق ونقلوها الى مصاف الاغنية العربية حتى أصبحت ذات مكانة كبيرة.. وشهرة واسعة محدثنا في هذا اللقاء هو سمو الأمير محمد العبدالله الفيصل الذي كشف لنا عن أشياء كثيرة حيث قال:- 

·    عن الدوافع خلف بعض الكتابات؟!

– ليس ضروريا ان يكون هناك موقف اضطرني للكتابة بأسلوب معين.. بل هي مجرد فكرة تكون اساسا لموضوع الاغنية.. وأيضا هذا لا يعني أنني لم أعش موقفا أثارني.. والزمني الكتابة… بل أقول وبكل صراحة أن هناك أغان كتبتها معايشة الموقف (ما) وأخرها (مر الزمان) فهناك خلفيات وراء كتابتي لها جعلتني اجسدها في كلمات هذه الاغنية..!

·    وعن مستوى الأغنية قال:

-الأغنية في العالم العربي عموما تكررت.. يعني أنها لم تستطع تخطي المرحلة الأخيرة لها والتي تعيش فيها منذ وقت بعيد.. فالتجديد شبه مفقود في جميع أركان الأغنية.. ولن تستطيع تخطي هذه المرحلة إلا في حالة واحدة.. وهي ظهور جيل جديد في المجالات الثلاثة للأغنية.. وبعد هذا يمكننا القول أننا تخطينا بالأغنية الى مرحلة جديدة واضحة المعالم.. وخلاصة الكلام.. نريد أصوات جديدة غير صوت طلال مداح أو محمد عبده.. وكذلك ملحنين جدد غير سراج أو سامي. وكذلك كتاب جدد غير الخفاجي أو بدر او محمد العبدالله… لكي تصل إلى أسلوب جديد بمعنى الكلمة..!

·    ما تقول عن مستوى الاغنية محليا.؟!

-الاغنية السعودية أيضا تكررت برغم ظهور ناشئين جدد.. ولكن عليهم ان ينتهجون أسلوبا جديدا..

أما من ناحية الانتاج الاخير فقد قرأت الكثير من الانتقادات التي وجهت له سواء كان لطلال أو لمحمد.. والحقيقة أنها انتقادات جارحة وحادة نوعا ما.. فكل ما قدماه كان تجاربا لكتاب جدد لابد لهم من أن يساعدوهم في طرح تجاربهم.. فهم من سيساعدون على نقل الأغنية إلى مرحلة أخرى.

(ولكي نحصل على اناس جدد فلا بد من التجارب..!!)

وأقوى دليل على ذلك.. رجوعي الى كتاباتي القديمة جدا.. فعندما أقراها الضحك كثيرا على كلماتها فمستواها ضعيف وخصوصا لو نسبته إلى الوقت الحاضر.

ولذلك يجب علينا شكر طلال ومحمد لإعطائهم فرصة للأخرين.. !!والمشكلة أنه كثيرا ما يوجه في اللوم على تخطي طلال ومحمد بكلماتي الى جيل الناشئة.. فالبعض يعتبره تفريط وانا ارى العكس فالناشئة أولى بالدعم الآن..

·    وعن الفن الشعبي قال:

– أنا لي مبدأ تجاه الشعر النبطي والتجديد فيه.. فأنا ضد هذه الفكرة وضد من يحاولون اظهارها وشعراء النبطي المحتفظون بأصالة كلماته ومعانيه قلة.. وكوني ضد هذه الفكرة لأن هذا الفرع من الشعر له قالب معين وألفاظ ثابتة تنبع من أصل البيئة متى ما خرج عنها الشاعر افقد القصيدة صبغتها وصفتها الأصلية..

ومن حيث الأداء لا استطيع ان اقول شيئا سوى ان محمد عبده حاول ولكن..؟! أما سلامة العبدالله فأنا اسف جدا إذا قلت أنني لم اسمعه بعد -ولكني اسمع أنه يقدم أشياء جيدة يشكر عليها من قبل المهتمين بهذا اللون وللمعلومية أكثر.. أنا ضد تحويل الشعر النبطي إلى أغان..!!

·    وعن الفنانين المغمورين قال:

-لا استطيع الحكم عليهم لأنني لم اسمع لهم.. و كونهم يمارسون هوايتهم في دائرة مغلقة.. أو بالأصح بعيدا عن الاضواء فهم معذورون لأن الفن لا يؤكل عيشا.. ! 

وساهم في ذلك أيضا عدم التشجيع.. والتقصير من قبل الإعلام وخاصة التلفزيون.. بالإضافة إلى افتقارنا إلى فرقة موسيقية واستديوهات للتسجيل.. وكل هذه عوامل تساعد على تقدم وتطور الاغنية في بلادنا..

·    الارتجال في الأعمال الفنية.؟!

– ليست سرعة الإنتاج دليلا على هبوط المستوى أو الارتجال.. فاللحن كالقصيدة.. ففي بعض الاحيان تأتيك الهاما وتنتهي فيها خلال دقائق.. وتكون ذات مستوى جيد.. وأحيانا أخرى يحصل العكس فبدل الدقائق اشهر.. والكلمات في الغالب يكون لها دور كبير في خروج ألحان جيدة.. ومجرد فكرة تعني فتح الطريق السريع للوصول الى النهاية..!!

أما كون فشل هذه الأعمال يعزي بالمادية فهذا لا إن كان.. وعموما لابد من استغلال الظروف.. وهذه الحالة أي استغلال السفن للحصول على المادة موجودة منذ وقت بعيد وفي كل الأوساط الفنية في العالم فغالبية الفنانين يعتمدون بعون الله على الفن كوسيلة للحصول على رزقهم.

·    وعن الأصوات النسائية يقول محمد العبدالله..:

·    -أين الصوت النسائي..؟! فوجوده في المملكة قليل وعلى مستوى ضيق جدا.. ولم يصل بعد إلى المستوى المطلوب. أما الفنانة ابتسام لطفي فهي التي تستطيع القول عنها أنها لم تغن لي بعد.. وليس صحيحا أنني رفضت التعامل معها.. فأنا مقتنع بصوتها وأدائها الى حد (ما).. ومن ثم أنا لا أتعامل مع المطربين في الغالب.. فأغلب تعاملي يكون مع الملحنين حيث اترك لهم الخيار في انتقاء الأصوات التي تتناسب ..؟!

·    اغنية الموسم.؟!

-لم تسمع بأغنية موسم لك مقادير.؟!

لا اعتقد ذلك… اغنية لا تقول كانت رائعة جدا في نظري ولو تكلمنا عن الوقت الحاضر بأغنية (مرت) أخذت شهرة كبيرة واعتقد أن هناك أغاني كثيرة جميلة جدا ولكن الوقت والظروف هي التي تخدم شهرة الأغنية.. فهناك أغان كثيرة قدمها طلال مداح وأعتقد أنه كان في وقتها يعيش في حالة نفسية غير جيدة معا لم يتح له الفرصة لخدمتها جيدا مثل (وينها) و (انادي).. أضف الى ذلك أن طلال عفوي أكثر من اللازم في تصرفاته والتزاماته.. وهذا ضره كثيرا بالمقارنة إلى قدراته ومواهبه.. مع أنه لم يكن كذلك من قبل ولكن الآن أستطيع أن أقول أن طلال رجع وبنفس القدرة والصوت والموهبة السابقة مع أن جمهور طلال خائف جدا من أن يعود طلال إلى عزلته مرة أخرى..

·    موقفك من الناشئة.

-أتعاون معهم بكل ما استطيع .. وقد سبق ذلك… وكل الذي استطيع.. عمله تجاه الاصوات الجديدة هو إعطاؤهم النصوص فقط. فأنا لا أقدر على تعديل أصواتهم أو تغير طريقة ادائهم..!

·    المعاناة في الكلمة.!

-كما سبق وإن قلت أنه ليس من الضروري أن يكون هناك موقف وراء فكرة الأغنية..

وقد شبهت الشعر بالسيارة.. والمعاناة بالوقود.. والفكرة بالسكة فالسيارة تسير على السكة يسيرها الوقود كما تفعل المعاناة مع القصيدة وأما السكة مرة تكون متساوية ومريحة.. ومرة تكون مليئة بالحفر..

أما عن التوزيع الموسيقي قال محمد العبدالله

رأيي كمستمع أن التوزيع الموسيقي المبني على أسس علمية مفقود في العالم العربي بأجمعه.. فمثلا أغنية (وعد).. والتي لحنها طلال في مدة سنة بلحن ممتاز.. وقام بتوزيعها الموسيقي المصري (ميشيل المصري) عازف الفرقة الماسية واستغرق ذلك مدة احدى عشر شهرا.. ومع ذلك أنا غير راض عن توزيعها الموسيقي.. وقد ناقشته في هذا الموضوع.. وعموما استطيع ان اقول ان الفن في العالم العربي يفتقد الى خبراء في التوزيع الموسيقي.. فالعالم العربي كله لا يضم الموزع الجيد.. أضف الى ذلك أن تعاملنا الفني في الغالب مع الفنانين المصريين.. واعتقد ان إخواننا المصريين يتعاملون مع التوزيع الموسيقي (بالعباطة)..!!

فالتوزيع الموسيقي يحتاج أناس متعلمين مبحرين في هذا المجال ومتخصصين فيها والأغنية الوحيدة التي وزعت موسيقيا وكما يجب.. وبذكاء في العالم العربي كله هي أغنية (أهواك) لعبد الحليم حافظ. أما باقي الاغاني فهي نتاج مجهود شخصي نعتمد على مواهب بدون صقل..

·    محمد العبدالله متهم بكثير من الإخفاقات.. ما رأيك ؟!

-لم تستطع تخطي مرحلة مقادير.

-لا أعتقد أن ذلك صحيح.. والدليل ظهور عدد من الاغاني بعدها مثل (لا وعد) .. لا تقول.. مرت… أما شهرة مقادير فقد خدمتها الظروف كثيرا.. منها أن طلال كان عائدا للساحة بعد توقف دام مدة طويلة.. كذلك طلال قام بخدمة الأغنية بشكل ممتاز وذلك بأدائها في أكثر المناسبات وعلى مسارح كثيرة وفي وقت مناسب، إضافة الى أن مقادير كانت ذات لون جديد لا من حيث الكلمة ولا اللحن وعلى العموم الاساس في ذلك ذوق وتقبل الجمهور.

·    أنت مستهلك للكلمة ..!!

-هذا صحيح… والسبب مناسبة الموضع.. فعندما تتناسب والمعنى.. وتتمشى مع الفكرة أضعها في مكانها… وهذا مما يساعد أيضا على اعطاء المعنى حقه الكامل.

·    احتكرت صوت طلال مدة طويلة ..!

-ليس صحيحا.. لان طلال كان وفي نفس الفترة يغني للخفاجي وبدر بن عبد المحسن، وغيرهما كثير..

وعموما الكلمة الجميلة هي التي تفرض نفسها..!!

وإضافة الى ذلك ففي تلك الفترة كان طلال يفتقر للناس فقد تخلى عنه أناس كثيرون بينما وقفت أنا معه وغامرت مع أنني أجزم أن الوقوف مع طلال ليس مغامرة..!!

·    ومن مواجهة الجمهور قال:

-أتمنى أن يكون هناك لقاءات بين كتاب الكلمة وبين الجمهور وجها لوجه… وهذا لن يتسنى الا بعقد الندوات والامسيات وانا لست مسئولا عن ذلك.. ولكن أرحب بذلك.. ومتى ما وجهت لي الدعوة البيها وبكل ترحاب.!

·    وعن جمعية الفنون قال الأمير محمد

·    يشاع أنك مرشح لرئاسة الجمعية. هل تقبل ..؟

-لا أقبل أن أكون رئيسا للجمعية.. ولم يسبق أن رشحت لذلك… وممارستي للكتابة مجرد هواية فقط. وبالمناسبة الجمعية غير معترف بها من قبل كثير من الفنانين.. وهذا مما يكون عائقا عن تحقيق أهدافها مهما كانت النية حسنة.. والجهود طبية.. ولكي تحافظ الجمعية على مكانتها بين الفنانين يجب عليها حفظ حقوق الفنان وتنظيم العمل وفرض العمل السعودي على مختلف الأجهزة.

·    وعن أخر ديوان قال:

-سيصدر قريبا.. وأنا بصدد وضع أخر مجموعة من القصائد ضمنه وسيكون ذلك قريبا إن شاء الله..

·    محمد العبد الله وآراء…

-محمد العبد الله: ضمن المجموعة

-بدر بن عبد المحسن… مهندس الكلمة.. وأقدر من يضع الكلمات…

-الخفاجي: لم ينضب … ولكنه أقل لقلة الطلب.. وكاتب بارع جدا.

-فيصل بن يزيد: له كلمات جيدة.. وسبق أن قلت له عن رأيي وعليه تقديم الجيد بأسلوب جديد.. بحيث لا يكرر قلم من سبقه.. وعموما له محاولات جادة وجيدة..

وبالمناسبة هناك شاعر له أسلوب جيد وجديد وهذا الشاعر هو سعود بن بندر بن محمد .. وقد أخذ منه سراج عمر قصيدة وعمل عليها لحنا ولست ادري من سيغنيها..

-محمد عبده -اتجه لجلب الألحان من الخارج لتنجح عندنا.. وللمعلومية أغنية (ابعاد) لحنها سعودي..

سامي احسان.. ملحن جيد.. وخدم الأغنية السعودية في الآونة الأخيرة

·    -احلى اغنية.. أغراب.. والتفت…

·    أغنية قادمة. تعالي .. لحن سامي احسان.. وغناء طلال.. واتوقع لها نجاحا كبيرا..

·    كلمة أخيرة.. بالعلم والثقافة الفنية نستطيع أن نبني صرح الفن على أسس سليمة وصلبة.. وتحية لكل الجمهور.