بين اكتحال العين «الجيزانية» وأنغام الجبل و البحر .. محمد عمر

صحيفة الجزيرة الخميس 09/جمادى الثانية/ 1400 هـ الموافق 24/ابريل/1980 حوار : فنون الجزيرة

صوته جميل معبر يشدك يجعلك تطرب له ولا تمل سماعه لم تمض سنوات كثيرة على احترافه الفن، ولكنه استطاع أن يحقق لنفسه مكانة فنية طيبة وان يكون دائما في الصورة فمكن لا يكون دوما في الصورة لا يظهر

وبرغم الشهرة الواسعة والألحان الرائعة التي غناها فناننا والتي نالت الاعجاب الا انه بتواضع جم يقول انه لا زال في البداية فالمشوار الباقي هو الأطول والاهم وقد أجرينا معه هذا الحوار الفني الذي تطالعونه الآن وكان متجاوبا صادقا في كلمته النابعة من القلب وبلا رتوش حدثنا عن حياته وبكلام جديد لم ينشر بعد .. خص به قراء (فنون الجزيرة) من محبيه ومتتبعي خطاه الفنية .. اعرفتموه إنه الفنان الرقيق .. الصوت القادم من الجنوب من ليالي الانس من موطن الإيقاعات المعبرة .. إنه الفنان (محمد عمر) 

  • في كلمات .. حدثنا عن بداية مشوارك الفني .. ؟ 

في أكثر من مقابلة فنية قلت بأن بدايتي كانت من مدينتي جيزان ولكني الان اود ان احدثك ولأول مرة كيف كانت كنت في بداية حياتي ولا زلت طالبا في المرحلة الابتدائية اغني للأصدقاء و في الحفلات المدرسية لم يكن يعرف ذلك أحد في جيزان حتى اهلي كنت اسعد بالغناء لأصدقائي و زملائي في المدرسة وأبدى الكثير منهم اعجابه بصوتي و شجعني و كنت سعيدا بحياتي الصغيرة و بالمعجبين بصوتي من أصدقائي الصغار أيضا و لكن بعد فترة وبمجرد اشتراكي في حفل مسرح اقامه المركز الصيفي المدرسي توسعت دائرة شهرتي ولم تعد محصورة  في أصدقائي بل توسع النطاق وأصبحت معروفا في مدينتي وبمجرد ما غنيت في أول حفل جماهيري لي حضره الكثير من الناس والاعيان وتصور انه في أول حفل جماهيري لي تحصل مشكلة  فقد كان من ضمن الحضور الحفل المسرحي قاضي وقد احتج على كلمات اغنية وطنية غنيتها سبق أن غناها الفنان وديع الصافي للملك فيصل رحمه الله والتي تقول كلماتها (ابوعبدالله سلمك الله انت الأول و بإخلاصك مالك ثاني الخ) فأحتاج القاضي على المقطع الذي يقول أنت الأول و كاد يتسبب في مشاكل كبيرة لي

ولكن الناس والحاضرين أقنعوه بأن هذه اغنية وطنية ومجازة إعلاميا وتذاع ولو كان فيها شيء مخالف لما كانت ستذاع ثم إن محمد عمر طالب صغير لا يقصد شيئا اخر من غنائه، ولكنه احتج أيضا بان الغناء حرام والمهم أنني كما اسلفت كان المسرح الصيفي بداية خير بالنسبة لي 

عرفت من خلاله وأصبحت من فناني منطقتي المعروفين ومع هذا فلم اترك الدراسة فلا زلت يومها طالبا وحدث أن حضر يومها الاستاذان بدر كريم وحسين نجار وقدماني في برنامج الهواة بعد أن سمعا صوتي وشجعوني وكانوا أول ناس يأخذون بيدي ولن أنسى جهودهم ومساعيهم فلهم علي الكثير من الفضل 

وحضر أيضا الفنان عبده مزيد وقدموني له كصوت غنائي فقد كنت احضر الحفلات الخاصة والهامة التي تقام لزوار المنطقة وكانوا يقدمونني للغناء مع أن هناك فنانين مشهورين غيري الا أنهم كانوا يصرون على اشتراكي في الحفلات كون الفنانين الآخرين مشغولين ولديهم ارتباطات وما شابه ذلك اما انا فلا زلت طالبا ليست لي مشاغل أخرى 

سوى المدرسة ثم أنني مطرب ناشئ و جديد يجب أن يشاهده الزوار الجدد على المدينة لإبداء رايهم في صوته و غنائه و بعد ان سمعني المزيد اثنى على صوتي و قال انت صوتك حلو و لك مستقبل جيد و عندك إمكانيات صوتية لابد ان تستغل و اذا جيت جده انا مستعد لمساعدتك والأخذ بيدك ولازم تتعلم أيضا العزف على العود و استطرد ليه ما تجرب الدراسة في معهد الموسيقى اذا جيت جده سأعطيك توصية للموسيقار طارق عبدالحكيم للالتحاق بالمعهد و ممكن تدخل بالشهادة الابتدائية و كنت ايامها في المتوسطة و قررت بعدها السفر إلى جدة و بذلت جهودا كبيرة لإقناع والدي بالسفر و كاد يرفض لأنه قال بانني سأسافر لأكون فنانا وهو لا يحب ان أكون كذلك و لكني أقنعته بأنني سألتحق بفرقة موسيقى الأمن و اتخرج بعد سنتين جنيدا أو عريفا و اتعلم العزف على آلة موسيقية و أطلعته على أوراقي التي احضرتها و شهادة حسن السيرة والسلوك الخ.. واقتنع الوالد وسافرت وعندما حضرت إلى جدة التي لم أكن أعرف فيها أحدا يومها اتصلت بالفنان عبده مزيد الذي قدمني للوسط الفني والذي سبق وان حدثهم عني بعد عودته من جيزان 

قدمني للفنانين سراج عمر و محمد عبده و سامي احسان و بعد ان سمع صوتي سراج عمر في اول لقاء لنا مع بعض اهداني عودا و كان اول عود استلمته في حياتي و الذي عرفته ان سراج عمر اعجب بصوتي و لكنه لم يقدم لي يومها أي لحن اغنية و سمعني بعض الكتاب الفنين سمعني محمد رجب و عبدالله السقاف و كتب الأخير عني كلاما طيبا ولم التق بمحمد عبده الا بعد أيام من حضوري و عندما سمعني بإنصات اثنى على صوتي و اسمعني كلمات تشجيعية طيبة و قدم لي العود و قال اعزف أي شيء يا محمد و عندما اجبت بالنفي و عدم استطاعتي العزف لأنني لا اجيده طلب مني ان احرص على تعلم العزف لان ذلك هام للفنان و قدم لي محمد عبده لحن تدلل و سجلت الاغنية في بيته و كانت بادرة مشجعه و كبيره لا تأتي الا من فنان في مكانة محمد عبده فقد قاد الفرقة الموسيقية بنفسه و سجلت الاغنية و وضعت في شريط مع أغاني محمد عبده الجديدة في تلك الأيام و منها اغنية (الحمام) فلم يكن بالاستطاعة وضع اغنية واحدة لي في شريط مستقل و عند نزول الشريط في السوق احتار الناس في الصوت الجديد و بعضهم قال انه لمحمد عبده لان الشريط له و البعض الآخر قال لا و نجحت الأغنية نجاحا كبيرا 

وظهرت في مرحلة هامة فقد كان التنافس الشريف بين الفنانين طلال مداح ومحمد عبده على أشده وكل واحد منهم يطلع الجديد المتقن وحصل ان طلعت في حفل مشترك في الرياض معهم وغنى كل منهما اغنية الخاصة الجديدة وغنيت (تدلل) ونجحت وكان ذلك توفيقا من الله وكان كل ذلك أو البداية الفنية الحقيقة لي من عام ٨٩ هـ

ولا أنسى الفنان سامي إحسان الذي وقف معي في بداية حياتي الفنية فقد قدم لي الحانا رائعة عرفت الناس بي وكذا فنانون آخرون

وتوقف النشاط الفني بعد ذلك فترة بيني وبين محمد عبده لانشغاله المستمر وسفره الكثير وتوطدت العلاقة الفنية والأخوية بيني وبين الملحن سامي احسان واعطاني الحانا مشجعة وأكثرها كان اعلامي وشهرتني وكذا الفنان طاهر حسين وتوسعت دائرة شهرتي بعون الله وعرفت بصورة أكبر جماهيريا في بلدي والخليج وشاركت في حفلات عديدة هنا وهناك ولا زلت اواكب الخطى في طريق الفن للوصول الى المستوى الاحسن والاجود ولتحقيق كل الطموحات والمستقبل الأفضل 

  • الم تلتحق بعدها بمعهد الموسيقى ؟ 

ابدا لان الفنان عبده مؤيد بعد أن مهد لي الطريق مشكورا وعرفني على الوجوه الفنية وبعد ان وجدت التشجيع من الكثيرين قررت الاستمرار في الفن وممارسته من جدة دون الالتحاق بالمعهد لان المعهد كان سيعلمني العزف فقط وكنت سأتخرج عازفا على آلة معينة فهو لا يعني بالأصوات واساسا انا صوت 

  • وماذا عن اهلك هل اقتنعوا باحترافك الفن الغنائي وخاصة والدك ؟ 

نعم لقد اقتنعوا خاصة بعد أن عرفوا بانني جاد في ممارسة الفن و تقديم الأفضل و الوصول الى مستوى احسن و لي هدف معين أتمنى تحقيقه وإن عارض بعض الأقارب ولا زالوا معارضين و مستائين من احترافي الغناء لانهم يعتقدون بان الغناء مهنة العاطلين ولا تأكل عيش ثم إنه في اعتقادهم أن الاسرة لم يكن فيها فنان ابدا فمن أي طلعت بفكرتي هذه أما والدي اطال الله في عمره فهو إنسان مثقف و فهمان اقتنع و شجعني بعد ذلك بل و في زيارتي له يطلب مني اسماعه اغنية معينة يطرب لها و يصيح بأعلى صوته كفنان سميع يقدر الصوت الجميل والمتقن 

  • من علمك العزف على آلة العود ؟ 

لا أحد فقد تعلمت العزف بنفسي دون الاستعانة بمدرس وفي خلال عدة أشهر فقط والواحد مع الاستمرار يصل للأفضل 

  • لونك الغنائي المفضل ؟ 

أفضل ان أغنى الاغنية التي تطرب المستمع وترضيه ان أغنى الاغنية الماتعة الهادفة والتي لا تتقيد بلون غنائي معين كل المطلوب ان تكون الاغنية لحنها جميل وكلماتها صادقة طيبة نابعة من الأعماق 

  • في رأيك ما هو سبب عدم انتشار فنانينا الناشئين وبسرعة ؟ 

جوابي هذا ليس طعنا في الملحنين، ولكن عتاب أخوي .. فأغلب ملحنينا هنا يكون لديهم لحن جاهز جيد من المفترض ان يعطوه لفنان ناشئ يغني عسى ولعل يفيده ويقدمه للناس بصورة أحسن, لكن يقدمونه لفنان كبير حرصا منهم أن ينتشر لحنهم في صورة أكبر فحبذا لو تعاون ملحنونا مع الشباب الجدد من فنانين واخذوا بيدهم 

  • لماذا اخترت فن الغناء كمهنة ؟ 

لان لي صوتا اعتقد بأنه جميل ولابد ان يسمعه الناس ثم انني ولدت بالأصل فنانا 

  • ماهي الأغاني التي ليست لك وتحب ترديدها بين الحين والآخر بين وبين نفسك ؟ 

أحب كثيرا غناء اغنية (ابكي قلبي ..  واشكي لمن حبيب) اعتقد انها للفنان جميل محمود وكذلك اغنية أخرى لمحمد عبده (هل يابو شعر ثائر) ومشغول وشاغلني لطلال واغاني كثيرة لفنانين مختلفين 

  • اغنية تمنيت ان تكون لك يوما ما ؟ 

هو في الحقيقة ما تمنيت فقط ان تكون لي، بل انني أتمنى ان تكون لي أغاني مستقبلا في مستواها كأغنية (ياهلي) الكويتية التي غناها عبد الحليم حافظ واغنية (صوت السهارة) لعوض الدوخي هذه أغاني رائعة لحنا وغناء وأتمنى ان اوفق يوما ما في غناء أغاني بمستواها 

  • الفن ما يعني بالنسبة لك ؟ 

يعني كل الحياة فالفن بصورة عامة غذاء للروح والفكر الفن الناس في حاجة إليه لا يستغنون عنه لأنه من ضروريات الحياة من أيام الجاهلية حتى الآن وكتب التاريخ تحكي ذلك وتؤكد بأن الفن بصوره المتنوعة قديم العهد ومن ضروريات الحياة 

  • السهرات الغنائية الفنية ما رأيك فيها كفكرة وهل تفكر بعمل سهرات لك مستقبلا ؟ 

السهرات الغنائية الفنية فكرة رائدة ورائعة، ولكن السهرات التي قدمت حتى الآن لم نر فيها أي جديد يشد المشاهد والمستمع والمتتبع لهذه السهرات وإذا ما سنحت الفرصة لي وعملت سهرة فنية فسأحرص أن تكون متكاملة وشاملة وهادفة وتحقق الغرض المطلوب على أن تكون فكرة السهرة الغنائية بمثابة قصة تحكي مشواري الفني من أيام بدايتي حتى الآن وفي أغاني 

  • هل شعرت يوما بأن الطريق الذي أخذته كفنان خاطئ ؟ 

لا 

  • ماذا يضايقك كفنان ؟ 

التنافس غير الشريف الذي يلجأ إليه بعض الزملاء وبعض الروتين الممل في بعض اقسام الإذاعة والتلفزيون وعدم تقبل البعض للنقد البناء من زميل لهم معاهم في المهنة والمجاملات غير الضرورية 

  • اول اغنية لك من الحان مين ؟ 

من الحان سامي إحسان 

  • اغنية تعتز بها ؟ 

دائما الأنسان يطمح لتحقيق الأفضل والأجود وأنا أعتز بما قدمت من أغاني متواضعة حققت بعض الآمال الكبيرة وعلى كل حال الألحان القديمة التي قدمتها لإحسان اعتز بها لأنها جيدة وكانت من أسباب تقديمي وتعريفي للناس 

اغنية لا تحب إذاعتها ؟ 

(يضحك) كثير .. حتى في التلفزيون !